Memento


 "ما من شيء يمكن أن يريحك من الأوهام كالرصاصة!"


-هرمان ملفيل


"تذكر.. ستموت"

قصة ل جوناثان نولان.


اعتادت زوجتك دومًا أن تقول أنك ستتأخر عن جنازتك. هل تذكر سخريتها العابرة؟ لأنك كنت -كالأخرق، دائما تصل متأخرا، ومن نسيانك المتكرر لأغراضك، حتى قبل وقوع الحادث.


أما الآن من المحتمل أنك تتسائل عما إذا كنت قد تأخرت على جنازتها هي.


لقد كنت هناك، بوسعك التأكد. لأن ذلك ما تفعله الصورة المعلقة بجوار الباب. كما أنه ليس من المعتاد التقاط الصور في الجنائز، ولكن شخصا ما، أظن أنهم أطباؤك، لأنهم يعرفون أنك لن تتذكر. لقد التقطوها بدقة وعن قرب، وعلقوها، هناك، لذا لا يمكنك إلا أن تراها، حين تتسائل أين ذهبت، عند كل مرة تصحو فيها من نومك، ولا تجدها إلى جوارك.


هل ترى الرجل في الصورة، ذلك الذي يحمل ورودا؟ إنه انت. وما الذي تفعله؟ تقرأ ما كتب على الشاهد، في محاولةٍ لتعرف جنازة من تلك التي حضرتها، بالضبط، تماما كما تفعل الآن. تحاول أن تفهم لما قد يعلق شخص ما تلك الصورة بجوار باب غرفتك. ولكن لماذا تكلف نفسك عناء القراءة لشيء لن يمكنك تذكاره؟



لقد رَحَلَتْ، وإلى الأبد، ولا بد من أنك الآن، عند سماعك الخبر، تتألم. كن على ثقة، انني أعرف ما هو شعورك. محطم، ربما، قابعا في قاع أحزانك. لكن امنحها خمس دقائق، ربما عشرة، أو قد تنقضي نصف ساعة كاملة قبل أن تنسى.



لكن أؤكد لك، سوف تنسى. بضع دقائق أخرى، تمر، وسوف تتجه نحو الباب، لتبحث عنها مجددا، وتنهار ثانية عندما ترى الصورة. كم مرة عليك فيها أن تواجَه بالخبر، قبل أن يبدأ جزء 

آخر من جسدك، غير دماغك المهشم، في التذكُّر؟




حزن لا نهائي.. غضب لا نهائي.. بلا غاية، مشتت أنت في كل الجهات.. ربما لأنك غير قادر على أن تعي ما حدث. وفي الحقيقة، أنا أيضا لا يسعني القول بأنني قد فهمت. ذلك ما هو مدوّن في الملاحظات. فقدان الذاكرة الرجوعي. CRS متلازمة إفراز السيتيكونات. عند ذلك ما أعلمه يتساوى مع جهلك، ونحن في الأمر سواء. 


ربما ليس بإمكانك 

من المحتمل أن لا تكون قادرا على استيعاب ما حدث لك. لكنك تتذكر جيدا ما حدث لها، أليس كذلك؟ الأطباء لا يرغبون في الحديث عن الأمر. لا يجيبون على أسئلتي. يعتقدون أنه من الأفضل لرجل في مثل حالتك أن لا يستمع إلى أشياء كتلك. لكنك تتذكر بشكل واضح.. تتذكر وجهه، أليس كذلك؟


لذا أكتب إليك. ربما من دون فائدة ترجى. لا أعرف كم عدد المرات التي سيتعين عليك فيها القراءة، قبل أن تنتبه إلى ما أقوله. أنا لا أعرف تحديدا، -وكذلك أنت- كم مر عليك من الوقت قضيته منعزلًا في تلك الغرفة. لكن فرصتك الكبرى في النسيان، هي نسيانك أن تذكر ضمن ملاحظاتك أنه لا فائدة ترجى من ورائك.



عاجلاً أم آجلاً سترغب في القيام بشيء ما، حيال ذلك. وعندما يحن الوقت، لن يكون عليك سوى الوثوق بي، لأنني الشخص الوحيد القادر على مساعدتك.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة زينب لأحمد الطحان.

بين الصحافة والسياسة (2)

كائن لا تحتمل خفته. ميلان كونديرا.